الاثنين، 28 نوفمبر 2016

الأم مستودع أسرار إبنتها د.هالة حماد




#علاقة_الأمهات_ببناتهن

‫#‏مقال‬ للدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي
بعنوان : في زمن التقنية ؛ هل لازالت الأم مستودع أسرار إبنتها ؟
المصدر : مجلة روج


 
مع تزايد تأثير التقنية على الحياة العامة والخاصة للأفراد، وازدياد الهوة بين الأجيال تغيرت كثير من العلاقات الإنسانية فأصابها ما أصاب الكثير من العلاقات الاجتماعية من جزر؛ وأصبحنا نرى أن مواقع التواصل الاجتماعي هي الصديق الأول والملاذ للبنات الباحثات عن الفضفضة وحرية التعبير عن النفس بعيداً عن القيود والنصائح التقليدية، ولم يعد حضن الأم هو المكان الطبيعي الذي تلجأ إليه الفتاة عندما تتعرض للمشكلات وخاصة في سن المراهقة وجاءت الدراسات لتؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعي أثرت بشكل ملحوظ على الروابط الأسرية، وازدادت نسبة المراهقين الذين لا يقضون وقتاً مع عائلتهم .

في ظل كل هذ الزخم التكنولوجي المحيط بنا ، هل تغير فعلا مكان الأم في حياة إبنتها وكيف يمكنها استعادة صداقة أبنتها؟

“روج” أخذت رأي عدد من الفتيات والأمهات وكذلك الرأي الاجتماعي والنفسي حول الموضوع.

أمي صديقتي

في عصر التكنولوجيا وتكاثر مواقع التواصل الاجتماعي أصبح للفتاة أصدقاء كثيرون تستغنى بهم عن والدتها ولكن هناك أراء تقول أن أقوى علاقة صداقة هي بين الأم وبنتها في حين أن أخرى لا ترى وجود فعلي للصداقة بين اتلأم والبنت ، وهناك أمهات يحاولن كسب صداقة بناتها .

رندا صلاح – 20 عاما – في السنة الثانية بكلية التجارة تقول: ” أمي هي مستودع أسراري، لا أخفي عنها شيئاً رغم أني أخاف على زعلها إذا أخطأت، لكنها في النهاية تبقى صديقتي، ولا تعاقبني، لذلك لا يوجد ما يمنع أن أصارحها بأدق تفاصيل حياتي، كما أنها تحتفظ بأسراري ولا تخبر بها أحداً حتى والدي إلا في حالة حدوث شيء منه يجعلني منزعجة، فتخبره أني اشعر بالضيق بسبب تصرفه حتى لا يكون والدي بعيد عني ويشعر بي دائماً”.

وتردف رندا أنها سعيدة بخطوات أمها الداعمة ووقفها بجانبها، وهي أيضا صديقة لأصدقائها أيضاً من الشباب والبنات، مؤكدة أنها لا تلجأ إلى التواصل الاجتماعي ليكون محوراً لحياتها كما إنها لا تفضل قبول أي طلب صداقة من أشخاص غير معروفين لها ولا لأصدقائها.

أمنية فريد -18 عاماً – تدرس بالسنة الأولى بكلية الحقوق ولديها نفس الميول لصداقة الأم، تقول: “تعودت منذ سن صغيرة على صداقة أمي، اعتدت مشاركتها في كل شيء، وهي التي تحتفظ بأسراري، وأكتر ما يعجبني في الأمر أنها قامت بتربيتي بهذه الطريقة أنا لا أخاف مطلقاً حتى وإن كنت مخطئة من أن أصارحها ، لكن كلما كبرت ازداد قلقها عليّ حتى اصبحت عصبية بعض الشيء، لكنها مازالت تسمعني وأجدها عند الحاجة إلى الكلام والفضفضة، أما مواقع التواصل الاجتماعي فهي بالنسبة لي للتسلية فقط مع أصدقائي”.

عبير التميمي طالبة جامعية تقول: صحيح أننا في زمن التقنية و انشغال العالم بمواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن هنالك أمور أعتقد لو بُنيت على أساس لا تتغير، وعن تجربتي فعلاقتي مع أمي قويه جدا منذ صغري، فهي صديقتي المقربة التي أبوح لها ما بخاطري مهما كان الموضوع حساس بالنسبة لي، و لا أخفى عليها شيئا في حياتي، واعتدت عندما أقع في أي مشكله أو يصادفني أمر أحتار فيه، أن ألجأ إليها، وأستشيرها لتشاركني فيه وتجد لي حلا من خلال خبرتها، وبدورها هي مستمعه جيدة لي وذلك يشجعني أن أبوح لها بأسراري وهي تقوم بتقديم النصيحة لي دائما، أما صديقاتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي هن مجرد صديقات ولكن لا آمنهن على أسراري”.


لا أخبرها خوفاً من أن تخبر والدي!

أما دانا عبد العزيز طالبه بالمرحلة الثانوية تقول: “دائما ما نعلق أخطائنا على التقنية والتطور والحداثة، وننسى أن علاقة البنت بأمها منذ زمن تختلف من فتاة إلى أخرى، فهنالك فتيات يبُحن بجميع أسرارهن إلى أمهاتهن وهنالك العكس وهو حسب العادة، وليس للتقنية ومواقع التواصل أي علاقة بهذه الأمور، وبالنسبة لي علاقتي مع والدتي منذ زمن كما هي الآن ، فلا أعتبرها صديقتي ولا أستطيع البوح لها بأي سر من أسراري الخاصة، لأنها دائما كانت تحاول أن توبخني وأحيانا أكتشف أنها تقول ما أخبرتها لوالدي خوفا على مصلحتي ،لذلك أقول لها ما أريد البوح به فقط وبحدود ، أما أسراري تكون عند صديقتي، وأعتقد أن مشاركة الإبنة لأسرارها واستشارتها لوالدتها فيها صعوبة نوعا ما ، نظرا للعلاقة بينهما ، والتي فيها الكثير من الجدية وقد تواجه توبيخ منها لأنها تخاف عليها لذلك لا بد لبديل للبوح بأسرارنا كفتيات “.

شيخه الشمري طالبة بالمرحلة المتوسطة تقول:” أمي لها هيبتها لذلك لا أستطيع أن أبوح لها بجميع أسراري، وقد أبوح بها إلى إحدى صديقاتي عبر مواقع التواصل ممن أثق بهن، لكن أمي مستحيل، أتحدث معها فقط بالأمور اليومية، التي تحدث معي، أما أسراري لا، وأعتقد أن التقنية مواقع التواصل لا دخل لها بعلاقة الفتاة بأمها فالأم لها هيبتها منذ زمن والجميع يخشاها والصديقة هي من قد تلجأ لها الفتاة لبوح بأسرارها أما الأم صعب استشارتها لأنها ستخاف وتُعاقب وهذا ما نهرب منه نحن الفتيات، لكن قد نلجأ لأمهاتنا بعد أن نكبر ونتزوج لاستشارتها بأمور أبنائنا لتشاركنا من خبرتها في تربتنا هذا رأي بكل صراحة”.

علاقة الأمهات ببناتهن

قالت سلوى محمد – مُدرسة – :” أتمنى أن أكون صديقة أبنتي ولكني كلما استمعت لها أجد معظم حكاياتها عادية ولا تتكلم معي في أمور خاصة بها بل أنا أتحدث معها عن الحياة والمشاكل و الحقيقة أنه عندما تخطى أبنتي لا أتمالك نفسي من الغضب”!

أما عبير عبد الله – موظفة – فتقول :” حالياً صداقتي مع ابنتي جيدة ، نجحت بعد عدة محاولات مني للتقرب لها، فأنا استمع لها وأخذ رأيها في أمور كثيرة وعندما تخطيء نتحدث سوياً و أحاول احتوائها وهي تتعلم من أخطائها لتتجنبها بعد ذلك في المستقبل”.

وتقول هدى فهد – ربة منزل – :” لدي أربع بنات أحب أن استمع إليهن كثيراً و أساعدهن في حل المشاكل رغم أني غير متعلمة ولكني أرى أن تلك وظيفة الأم”.

اما هيا سالم فهي ترى أن هذا الجيل يعتمد على الانترنت و يلجاء إلى الأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من الأهل قائلة :” أنا أخاف أن امنع ابنتي عن وسائل الاتصال فتصاب بالاكتئاب وفي نفس الوقت أقلق من أن أتركها على راحتها فترتكب أخطاء”.!

أما أم نهاد تقول: “رزقني الله بثلاث بنات وكنت لهن الصديقة والأخت منذ صغرهن، والحمد الله كن يلجئن لي بكل صغيره وكبيره منذ طفولتهن، وحتى الآن ويستشيروني، وهذا الأمر كان يسعدني كثيرا، المهم هو أني كنت أحاول جاهدة أن أشعرهن بالأمان، وأن أسرارهن في بئر، ولا أحاول معاقبتهن وتوبيخهن كثيرا ، وكنت انظر للأمور بحذر لان التوبيخ قد يبعدهن عني ولا يفكرن بالبوح بأسرارهن لي، وقد يلجئن لصديقه لا تعطيهن المشورة الحسنه، لذلك أنصح الأمهات بالصبر ومحاوله التقرب إلى بناتهن خاصة في زمن التقنية وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت خطر عليهن.


المرونة أساس التربية

د.هالة حماد استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين تؤكد أن مرحلة المراهقة للجنسين بشكل عام يحصل الأصدقاء فيها على الأولوية قبل الأم والأب ، إلا إذا كانت هناك علاقة سوية تم بناءها على الاحترام والحب والتفاهم في البيت بين الوالدين قبل فترة المراهقة ويتم استثمارها فيما بعد الحرجة للأبناء.

لكن إذا لم تستعد الأم لمرحلة التمرد في ثانوي والجامعة بأسس تربية سليمة وتكون صديقة لابنتها ستتجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج المختلفة على الهواتف الذكية للتواصل مع أشخاص معروفين أو مجهولين في العالم الافتراضي ، وهذا يحدث على مستوى العالم كله ، وهو أمر متوقع ، حيث يجد المراهق نفسه مع صديق آخر من بلد آخر بجنسية مختلفة ولا يشكل له أي مصدر للقلق إذا شاركه بأدق أسراره لأنه لا يعرفه معرفة جيدة، وهذا ما يشعر بعض الفتيات بضمان حفظ أسرارهن اللاتي يتحدثن عنها بكل حرية دون ضرر يذكر.

وتلفت د.هالة حماد الانتباه إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تشكل خطراً على البنت في حالة غياب دور الأم الصديقة ، فتلجأ لعلاقة عاطفية الكترونية بشاب ، وتتطور بشكل أو بآخر من خلال تبادل الصور وتشغيل الكاميرا بملابس غير ملائمة ،وغيرها من الأشكال والممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى كوارث .

وتضيف د.هالة قائلة :” إهمال الأم ليس السبب الوحيد ، ولكنه أحد الأسباب الرئيسية ، لكن البنات يقلدن بعضهن البعض ، نتيجة لشعورهن بأنهن يتحدثن بطريقة لا يفهمها الكبار ، لذلك يتمردن على فرض السيطرة من قبل الأهل ، وتبحث البنت عن أصدقاء بفكر مشابه ، بالإضافة إلى أن عمل أي شيء بدون على الأهل يضفي نوع من الإثارة والشعور بإثبات الذات والشخصية ورفض الثقافة الموجودة بالمنزل والمجتمع، وخاصة مع المُلتحقات بالمدارس الدولية التي تعتمد على الفكر الغربي الذي يصطدم بفكر الثقافة المصرية والعربية المحافظة”.

ولتعود البنت إلى حضن أمها وتصبح صديقتها ومخزن أسرارها، تشير د.هالة إلى أهمية أن تتسم الأم يجب بالمرونة ولا تنتقد تصرفات ابنتها كثيراً، وتبتعد عن أسلوب التربية القائم على المحاضرات ، وأن تكون مستمعة جيدة ولا تفشي أسرار ابنتها للأب أو الصديقات أو سيدات العائلة، وتعطي النصيحة بطريقة ذكية تناسب المرحلة العمرية بدون انفعال ولا تفرض رأيها لكن تساعدها بتوصيل المعلومة من خلال مقالة أو فيلم أو حادثة بالجريدة، ويفضل إتباع هذه الأساليب منذ الصغر لأن المراهقة لن تتقبل هذا التغير المفاجئ في المعاملة بسهولة، لكن هذه الثقة المتبادلة يجب أن تتم على مدى سنوات من الاستماع والاحترام بينهما، بالإضافة إلى وعي الأم لمعطيات العصر المختلفة وسريعة التطور بحيث تستخدم طرق تربية مختلفة عن تلك التي نشأت وتربت عليها الأم”.

العلاقة التقليدية غالبا ستفشل !

أما الاستشاري الأسري زينب مهدي فتشير إلى أن الأم هي دوماً رمزاً للاحتواء وكانت الأسرة أكثر دفئاً قبل دخول التكنولوجيا الحديثة كل بيت، ومع مواقع التواصل الاجتماعي حدث انهيار جزئي وأحياناً كُلي لشكل العلاقات داخل الأسرة لأنها دمرت الترابط والحب والقدوة وكل شيء، وأيضاً دمرت علاقة البنت بأمها التي أصبحت تبحث عن إجابات أي مشكلة على الانترنت أو تستشير أصدقاء فيسبوك أو تويتر بعد أن أصبحت الأم في نظرها “دقة قديمة” وتقدم نصيحة ومعلومة تقليدية تحتاج للتحديث، وبالتالي تغيرت شكل العلاقة الطبيعية بين البنت وأمها لأسباب عديدة منها :

1- وجود مصادر أخري للمعلومات غير الأم خارج نطاق الأسرة ، وأشخاص آخرين أكثر انفتاحاً.

2- الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية على الانترنت بدون رقيب، ومشاهدة كل شيء حتى المحتوى المخل بالآداب بسهولة.

3 – مواقع التواصل الاجتماعي والاضطلاع على حياة الآخرين أصبحت مشاعاً للجميع ، مما دفع بعض الفتيات لاتهام أمهاتهن بالجهل والرجعية نظراً لمقارنتهن بالآخرين ، أو عند محاولة الأم لتقويم سلوك البنت.

4- حدوث نوع من البرود العاطفي من قبل الفتاة تجاه أمها بسبب عدم قضاء فترة زمنية طويلة مع أمها لتجاذب أطراف الحديث.

وترى زينب مهدي أن إعادة العلاقة المترابطة مرة أخرى بين الأم وابنتها يحتاج لجهد كبير جداً من الأم وأنها تحتاج لأن تنظر إلى الحياة بعيون ابنتها بطريقة جديدة ومتطورة لتواكب نظرة البنت المراهقة للحياة ولإعادة التواصل بينهما وللقضاء على صراع الأجيال المعتاد حتى تعود العلاقة بشكل تدريجي مع الابتعاد عن الانتقاد الدائم لتصرفات الابنة لفرض السيطرة ، لتكسب ثقتها وصداقتها.

للرد على استفسارتكم يمكنكم التواصل معنا على الارقام التالية: -
( 22914419 - 01061555586 - 01098564819 ) 022

او عن طريق البريد الالكتروني
dr.halahammad.bcc@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمرو دياب: "اهتمي بمظهرك"

🌷🌷 مقال للدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي للاطفال والمراهقين والعلاقات الاسرية العنوان : 7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمر...