الثلاثاء، 24 يونيو 2014

أنت ولد متحرش.. إذن أنت مقهور د. هالة حماد


مقال للدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي
العنوان : أنت ولد متحرش.. إذن أنت مقهور
المصدر : الشروق
--------------------------------------------------
  
 احد شوارع حي الزمالك، يتجول فريق من المتطوعين والمتطوعات الذين ينتمون لمبادره «خريطه التحرش»، وهو مشروع لمكافحه الظاهره والتصدي لها بدا في القاهره منذ 2005. لم يكن اختيار المكان وليد الصدفه، بل لان هذا الشارع يمثل احدي بؤر التحرش الساخنه. وبينما يتنقل الناشطون للتوعيه بالظاهره، يندس وسط الجمع سرب من الصغار يقوم بتطويقه.
شكل من اشكال الهجوم لاستعراض القوه! في حركه مباغته يتسلل كريم، 11 سنه لتعبث يده بجسد احدي المتطوعات في جراه متناهيه، ثم يبدا مهمه الفرار بعد ان فعل ما فعل علي خير وجه وسط تهليل اصدقائه الذين راهنوا علي قدرته علي التحرش باحدي الفتيات. ربما كانت رغبه الصغير في ان يثبت لاقرانه انه ليس بضعيف هو ما قاده للمجازفه وللانخراط في هذه التجربه المجنونه التي لم يدرك بعد عواقبها الوخيمه، فعندما قام بهذه المناوره، لم يكن يري امامه سوي كلمات الاطراء والمديح من اقرانه، ونظرات الاعجاب بشجاعته ونشوه انتصار، الرغبة الجنسية لم تكن هي مطلقا الدافع وراء المغامره التي انخرط فيها الصبي ألذي يقطن باحد ضواحي القاهره الراقيه وجاء لحي الزمالك من اجل ممارسه «سياحه التحرش» مع بعض الاصدقاء في نفس عمره.
وبالرغم من خفه حركته، كانت يد الناشطه المدربه اسرع منه، اذ امسكته به من قفاه لتحرر له محضر في قسم الشرطه. تبدلت قسمات الصغير الذي كان منذ دقائق قليله يستعرض عضلاته امام اصحابه، لينخرط في بكاء عميق. وعندما جاء شقيقه الطبيب ليتسلمه من القسم، لم تتنازل الناشطه عن المحضر الا عندما حصلت علي وعد من كريم ان ينضم الي الفريق كاحد المتطوعين لمناهضه التحرش وبصفه خاصه بين اقرانه من الاطفال والمراهقين.

دونت هذه الواقعه في ارشيف 2013/2012 مبادره «خريطه التحرش»، ضمن حالات اخري كثيره، اذ تشير ارقام البلاغات التي تلقتها تلك الجمعيه الاهليه الي ان 39 % من بلاغات التحرش في غضون العام الماضي كانت تتهم اطفالا، كما ان 52 % من شكاوي التحرش الجماعي التي استقبلها فريق العمل كانت ضد اطفال، من بينهم 23 % تلامذه مدار، علي اعتبار ان مدارس البنات هدف مهم للمتحرشين.

في راي الدكتوره هاله حماد، استشاري الطب النفسي للاطفال والمراهقين: «الطفل الذي تم قهره بواسطه والدته بالضرب او السب او التكدير، قد ينشا لديه شعور عدائي دفين تجاه المراه، وهو يسقط هذا الشعور علي المارات في الشارع بشكل لا شعوري، ما نطلق عليه في علم النفس displacement». ثم تدلل الطبيبه علي رايها بقصه طفل كان يتحرش بالاخرين منذ السادسه من عمره، لان والده كان يجعله يشاهد افلام اباحية معه، وكيف قامت بعلاجه.

يبدو عمرو، صبي الميكانيكي ( 15 سنه) كـ«القرد ابو صديري»، في شارع عباس العقاد ( بمدينه نصر) وهو الشارع الذي يسجل الرقم القياسي بالنسبه لحالات التحرش، وفقا لدراسات الخريطه، نظرا لانه شارع تجاري ينتشر به العديد من الاطفال بلا ماوي. وفي مكان اشبه بالوكر مثاليا ينشط عمرو: للوهله الاولي، تشعر وكانك امام مشروع «بلطجي»، شعر ممشوط للخلف ثم تثبيته بكميه كبيره من الكريم، سروال سقط ليكشف عن ما تحته، سيجاره في اليد اليمني ومطواه قرن غزال في اليد الاخري. بجوار احد محال الفول والفلافل، يستعين عمرو بجيش من اطفال الشوارع لتهديد امن المارات، سواء بثعبان صناعي يلقيه عليهن او باستعراض سلاحه الابيض. وربما استطاع هذا المراهق النازح من عزبه الهجانه (الواقعه علي اعتاب مدينه نصر)

ان يفهم جيدا عقليه اقرانه من اطفال الشوارع فيقودهم في مغامره طويله. ترضي تلك الوضعيه شعوره بالزعامه، فهو لا يشعر بذاته سوي وسط هؤلاء، خاصه بعد ان رسب في دراسته وفي تعلم حرفه، ولم يسلم قط من توبيخ امه. ويقول عمرو ان ظروفه حياته لا تختلف كثيرا عن حياه رفاق الشارع، فهو يقضي معظم وقته في الشارع الكبير، بعيدا عن المنطقه العشوائيه التي يسكنها، ففي الشارع الكبير هامش الحريه اوسع. اما والده عمرو التي تعمل كمساعده منزل فتقول: «تلقي ابني دروسه الاولي في التحرش علي يد احد مدرسيه، ثم بعد ذلك راي (الاسطي) في الورشه يناغش السيدات».
يستخدم عمرو كلمات تؤكد نزعته لتاكيد التفوق الذكوري، وهو يلخص مبرره بقول «الحريم مكانها البيت»، وبمناقشه فكره ان والدته نفسها تعمل يجيب دون تردد بنبره الهيمنه نفسها: «لن نترك نسوان البيت يخرجوا ووجههن مكشوف». ومن الغريب ان ترضي امه بهذا الرأي، رغم اعتراضها علي سلوكه، فهي ايضا تشعر بتفوق ما لانها انجبت ذكرا.
قد تختلف مصطلحات التحرش من طفل لاخر، بحسب الطبقه

الاجتماعيه التي ينتمي لها، لكن تدور معظمها في فلك الشعور بالقهر والرغبه في اثبات الذات، فاذا كان عمرو يستخدم كلمه «حريم»، فزميله رامي الذي يسكن مدينة الرحاب الراقيه يفضل كلمه «الفَرسه»، عندما يشجع اقرانه «الكوول»، علي حد تعبيره، ان يقوموا بلمس مؤخره او صدر احدي البنات كي يتوج احدهم «المتحرش الرسمي» للمنطقه، كما يردد رامي متهكما وقد اقتبس تعبيرا من احد افلام احمد حلمي الكوميديه.
لم يعد التحرش مرتبطا بطبقه اجتماعيه معينه ولا باطفال الشوارع وحدهم، علي حد تاكيد فريق «خريطه التحرش»، فالمجتمع مقهور اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وهو ما تبرهن عليه ارقام الخريطه التي ترصد ان 20% من المتحرشين يقومون بذلك من داخل السياره، ما يعكس القدره الماليه، كما ان 15.5% من المتحرشين يكون لديهم سلطه ما (ضباط الشرطه، مدرسين الخ). الامر الذي يشرح من ناحيه اخري فكره استخدام بعض الاطفال لمهاجمه الناشطات في المظاهرات لان هؤلاء الصغار يتم اقناعهم من قبل «افراد لهم سلطه» ان الناشطه تهدد مصلحه الوطن وبالتالي مستقبله شخصيا.
للرد على استفسارتكم يمكنكم التواصل معنا على الارقام التالية: -
( 22914419- 01098564819 ) 022

او عن طريق البريد الالكتروني
dr.halahammad.bcc@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمرو دياب: "اهتمي بمظهرك"

🌷🌷 مقال للدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي للاطفال والمراهقين والعلاقات الاسرية العنوان : 7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمر...