السبت، 28 مارس 2015

مقال انتهاكات الطفولة.. عرض مستمر د.هالة حماد



#‏مقال‬
مقال للدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي
بعنوان : انتهاكات الطفولة.. عرض مستمر
المصدر : الاهرام
---------------------------------------------------------
مدارس القتل والتعذيب
انتهاكات الطفولة.. عرض مستمر

القانون يضع العقوبات ولكن يبدو أنها غير رادعة فوفقا لرصد ميدانى قام به الائتلاف المصرى لحقوق الطفل خلال الأشهر الستة الماضية فقد تعرض نحو ٨٣٣ طفلا لانتهاكات مختلفة داخل المدارس منها ١٩ حالة قتل نتيجة للإهمال و٢٦ حالة للاستغلال الجنسى فضلا عن ٣٦ حالة إصابة بسبب العنف المدرسي.

فها هى " ريتاج "تتعرض لحروق من الدرجة الثانية أسفل الوجه برقبتها وصدرها نتيجة الإهمال داخل المؤسسة التعليمية ووقوع فنجان من الشاى المغلى عليها أثناء إحضاره من قبل عاملة بالمدرسة إلى مدير المدرسة داخل الفصل بالرغم من صدور تعليمات الوزارة بعدم وجود أى سوائل ساخنة أو ملتهبة داخل الفصول لما يشكله ذلك من خطر محتمل على الأطفال وعندما حضر والد الطفلة فوجئ بعدم تلقيها أية إسعافات أولية . وفى نوفمبر ٢٠١٤ تعرض طفل عمره خمس سنوات للضرب بعصا خشبية من مدرسة الحضانة بإحدى المناطق الريفية ، مما أسفر عن إصابة عينه اليسرى بفقدان البصر !!

وها هو التلميذ ( ع م أ ) يتعرض للتعذيب من قبل مدرس بالكى على لسانه بإحدى مدارس طنطا، وتم نقل المدرس للعمل بديوان الإدارة التعليمية التابع لها لحين انتهاء التحقيقات فى الواقعة أما "أحمد" التلميذ بالصف السادس الابتدائى فقد سقط من الدور الثانى بمدرسته مما أدى إلى إصابته بكسر فى الحوض وهو الأمر الذى يستوجب إجراء عملية جراحية له

كانت تلك بعض النماذج التى رصدها الائتلاف المصرى لحقوق الطفل خلال الأشهر الستة الماضية.. لم نكتف بهذه النماذج التى تم رصدها فقمنا بجولة صغيرة أمام المدارس الحكومية التى كانت كافية لقراءة المشهد المليء بالقفز من فوق الأسوار، وتدخين السجائر، والتعرض بالمضايقات لتلميذات المدارس، ووقوف الباعة الجائلين بكل الأطعمة الملوثة، هذا المشهد الذى لم يتغير منذ عشرات السنين بالرغم من كافة التحذيرات وكافة التقارير الصحفية والإعلامية.قلق الأهل مشروع، فقد كان الخطر دائما خارج أسوار المدرسة ولكن بعد سقوط الأسوار وألواح الزجاج على رأس بعض التلاميذ

، وبعد كسر الأذرع وفقأ الأعين و"لبس الطرح"، والتعرض للتحرش والاغتصاب داخل بعض المدارس، أصبح الخطر أيضا داخل تلك الأسوار.

فها هى أم جلست على حجر ضخم، سٌجل عرفياً -وسط الأمهات- كملكيه خاصة بها، تنتظر كعادتها اليومية والقلق فى عينيها تترقب فى ملل ووجوم الباب الموصد والأسوار التى لا تمنع وصول أصوات تحية العلم وأناشيد الصباح.

زفرت بضيق، فهذا الوقت الضائع قد يجدى فى استكمال أعمال المنزل أو الحصول عن عمل دائم يسهم فى زيادة دخل الأسرة.

تتراجع عن ظنونها وتلوم تفكيرها فسلامة "منه وبسمة" ابنتيها الملتحقتين بالصف الثالث والخامس الابتدائى بهذه المدرسة الحكومية أهم من كل الأعمال وكل الأموال.  ليست الوحيدة التى تجلس طوال اليوم الدراسى على باب المدرسة فى انتظار رنين جرس الحصة الأخيرة، فغيرها الكثيرات جلسن، فموعد خروج التلميذات هو نفسه موعد تجمع الميكروباصات والتكاتك والدراجات النارية، وموعد تجمهر الشباب أمام المدرسة.  الآباء والأمهات يقفون أمام أبواب المدارس فى انتظار أبنائهم لعل وقوفهم يحميهم فقط مما يتربص بهم بالخارج وحين تحدثنا معهم كان الحوار جماعيا، أبدى الجميع استياءهم، فالمدارس كثيفة الفصول، قليلة التعليم، تكاد التربية تختفى فى أروقتها، ولذلك بات العنف هو الصوت الوحيد المسموع الذى يستطيع من خلاله مدرس الفصل ومشرف الدور أن يضبط أداء التلاميذ الذى لا يخلو من الشغب والتمرد وكذلك العنف المتبادل بينهم.

هذه المجموعة من أولياء الأمور لم يظهروا استياء تاما من الضرب والتعنيف فقط ولكنهم أبدوا تحفظاتهم على الإفراط فى العقاب ومن وجهة نظرهم فإن امن وسلامة الطالب داخل المدرسة مسئولية القائمين عليها بالكامل فلا تسامح فيما يتعلق بصحة الطفل أو تعرض حياته للخطر بسبب مشاكل الصيانة أو البناء.

الطلاب أنفسهم كونوا أراء مختلفة تحدثت معهم أمام مجمع مدارس إعدادية... البعض تحدث بتحد قائلاً :" محدش يقدر يضربنا"

وقال أخر:" اللى بيتضرب العيال اللى جاية تلعب" بينما أكد أخر أن المشاكل بينهم لا يتدخل فيها المدرسون قائلا :" إحنا كبرنا على الشكوى يمكن فى ابتدائى كنا بنشتكي"

هذه الكلمات توضح ما آلت إليه سلوكيات أطفال لم تتعد أعمارهم14 عاما مما يوضح غياب التربية والتعليم ..
‎..والآباء شعارهم «اللى يضربك اضربه»

حينما يصبح العنف هو وسيلة تحقيق المطالب وحل الخلافات والمشاكل فلا بديل أمام الطفل عن استخدامه كأسلوب للتعامل مع الأخر.. هكذا تلخص الدكتورة هاله حماد استشارى الطب النفسى واحدا من أسباب انتشار العنف فى المدارس.

فبالرغم من خطورة استخدام العنف كطريقة للتربية وأسلوب لحل المشاكل فى المنزل وبالرغم من تحذير المتخصصين فى مجالات التربية و الطب النفسى من التأثير السلبى لهذه الظاهرة؛ إلا أنها مازالت أسلوب يتبع بل ويربى عليه الأبناء فمبدأ "اللى يضربك اضربه" لم يلغ من قاموس التربية حتى فى الأجيال الجديدة بل قد نجد أن الأب ينفعل بشدة إذا لم يرد الابن على العنف بالعنف ويبدأ بنعته بصفات الجبن والتخاذل وكأن التسامح والتفاهم طريقة الضعفاء فقط.

وتفسر تمسك الأهل بهذا المبدأ لعدم ثقتهم فى المنظومة التعليمية التى لا تستطيع رد حق الطفل أو الدفاع عنه أو العقاب بشكل مناسب.

‎كما أن الإعلام أيضا مليء بالعنف وبحسب استشارى الطب النفسى فجميع الأعمال الفنية تروج للعنف فلا يخلو الإعلان عن أى تمثليه أو فيلم من العنف وطريقة الكلام التى لا ترتقى بالمستوى الفكرى والأخلاقى ولكن ترسخ لطريقة كلام العشوائيات التى يرى فيها الأطفال قدوتهم الآن مثل الأفلام التى تصدر البلطجى كمثل اعلى أو بطل مما ينذر بصعود جيل عنيف متحرش وفاقد للأخلاقيات

‎وتضرب "د,هالة حماد" مثال فى منظومة الأعلام الأمن فى بعض الدول الأوروبية فقبل الثامنة مساءً يمكن للأطفال مشاهدة التليفزيون بدون رقابة ومن ٨ إلى ٩ برقابة وبعد ٩ لا يمكنهم المشاهدة بينما فى مجتمعاتنا تعرض الأفلام التى تحتوى على مشاهد غير مناسبة فى أى توقيت باليوم حتى على التليفزيون الرسمي.

‎ كذلك العاب الفيديو و"البلاى استيشن" المليئة بالعنف فوفقاً لحماد يتم تحديد الفئة العمرية المناسبة لكل لعبة ولكن فى الدول العربية لا ينتبه أولياء الأمور لذلك، وبينما يظن الأهل أنها مجرد العاب إلا إنها تقلل حساسية الأطفال تجاه العنف وتقتل مشاعر الرحمة والرأفة وتجعل مشاهد الدماء أمرا عاديا لهذا الطفل وتضيف:" لا يمكننا إغفال الحديث عن الانترنت الذى انتشر فى البيوت و لكن الأهل ليس لديهم فكرة عن ضرورة الرقابة عليه

‎أما النظام التعليمى فيواجه المشكلات ذاتها ووفقا لاستشارى الطب النفسى فالمدرس نفسه قد يلجأ للعنف لحل مشكلته مع الطالب فلا يتم مناقشة العنف كأسلوب فاشل لحل المشكلة ولا يوجد حصص للفكر أو لتعليم الأطفال أن هناك أساليب أخرى لحل المشكلات.

‎وقد يتعرض الطفل لحوادث داخل المدرسة مما يسبب حالة مستمرة من القلق لدى الأسرة حتى لو كان هذا الطفل فى أفضل المدارس ويرجع هذا الشعور إلى غياب ما يعرف بأسلوب التوقع والتقييم وهو أسلوب تفكير متكامل لابد من تدريب الأطفال والقائمين على المنظومة التعليمية على استخدامه؛ فدائما ما تكون تحركاتنا مجرد رد فعل على الحوادث التى تقع ولا يوجد توقع أو سيناريوهات محتملة تتيح لنا تجنب هذه الحوادث، وتوقع خطورة الأشياء، وبالتالى كثرة اللامبالاة والإهمال. ‎وترى حماد أن المجتمع ككل عليه دور فى إنهاء حالة العنف السائدة به فلا يجوز أن نطلب من المدرس وحده أو الأسرة وحدها القيام بهذاالدور فالإصلاح لا يمكن أن يتم إلا بوجود القدوة وعودة دور المجتمع فى التربية والتدخل عند رؤية الخطأ لإصلاحه والتوقف عن استخدام مبدأ "أنا مالي".
للرد على استفسارتكم يمكنكم التواصل معنا على الارقام التالية: -
( 22914419- 01098564819 ) 022

او عن طريق البريد الالكتروني
dr.halahammad.bcc@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمرو دياب: "اهتمي بمظهرك"

🌷🌷 مقال للدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي للاطفال والمراهقين والعلاقات الاسرية العنوان : 7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمر...