الأحد، 21 ديسمبر 2014

«البيدوفيليا».. داء أم أزمـة مجتمـع؟ د. هالة حماد


#مقال

مقال للدكتورة #هالة حماد استشاري الطب النفسي
بعنوان :«البيدوفيليا».. داء أم أزمـة مجتمـع؟
المصدر :  صباح الخير ( مجلة روزاليوسف )
----------------------------------------------


البيدوفييلى.. هو الشخص الذى تنجذب ميوله الجنسية نحو الأطفال.. والكلمة مشتقة من «بيدوفيليا» أى عشق الأطفال باللغة اليونانية.. هذا هو التعبير العلمى الصرف لهوس التحرش بالأطفال الذى نراه تلك الأيام.. أمسكت بلجامى الإنسانى كى لا أنجرف نحو القصص المأساوية لأطفال تم التحرش بهم أو لعائلات فقدت أطفالها بعد تجارب مريرة من الاغتصاب والقتل.. أمسكت بلجام أمومتى كى لا أنخرط فى كتيبات توعية الأطفال من التحرش والتى باتت تنضم إلى كورسات اللغات وتمرينات السباحة والكاراتيه.. أمسكت بتلك الألجمة وأطلقت العنان لفضولى حول هذا الشخص غريب الأطوار.

ما الذى يجذبه نحو طفلة لم يتعد عمرها الخمس سنوات.. ماذا يرى فيها من ملامح الأنوثة.. هل يراها بأعين مثل أعيننا.. أم له صورة أخرى.. هل هو مريض يستحق الشفقة أم هو مجرم يستحق الإعدام.. هل أفعل شيئًا تجاه أطفالى يؤهلهم إلى أن يكونوا متحرشين بالأطفال فى مرحلة المراهقة.. هل على التربية دور.. أم هو خلل نفسى؟.

تدربت مؤخرا على طريقة تفكير مغايرة لما نحياه.. تدربت على ترك النحيب جانبا وبحث طرق إيجاد الحلول.. تدربت على أن أجرد نفسى من أى مشاعر إيجابية أو سلبية لأرى المشكلة فى إطارها الصحيح وأنا الآن أرى أن النحيب والمطالبات بالإعدام لن تحل فى الأمر شيئا ولن تقضى على أساس المشكلة ولن تجعلنى أتخلص من وسواس الشك تجاه الدادة والسائق والبواب والمدرب والمدرس وكل من يحيط بأطفالى، هدفى أن أعرف وتعرف أنت أن التحرش بالأطفال ليس إلا مرض نفسى له علاج.. والاكتشاف المبكر للمرض قد يقينا من شر كبير.

∎ مسببات المرض

تقول د.هالة حماد.. إستشاري الطب النفسى للأطفال والمراهقين:
تبدأ أعراض هذا المرض فى الظهور فى مرحلة المراهقة ويشعر فيها المراهق برغبات جنسية ملحة لا يستطيع التنفيث عنها  فى صورتها الطبيعية لعدة أسباب:
تعرض هذا المراهق للاعتداء الجنسى المتكرر فى مرحلة الطفولة وعدم تأهيله نفسيا بعدها أو عدم اكتشاف الأمر من الأساس، فيصبح لديه رغبة بالانتقام والثأر ويتحول من ضحية إلى جانٍ.. أو يترسخ لديه شعور بأن هذا هو الشكل الطبيعى للعلاقة.

الحرمان من حنان الأم قد يكون دافعًا لتلك الممارسات نظرا لما يمثله الطفل من براءة وحنان تجعل المعتدى يتخيل أن هذا تعويض مثالى عما فقده.. أو تهديدات الأب بالإخصاء وقد يحدث هذا فى بيئات متدنية اجتماعيا وتعليميا وقد يحدث هذا إذا رأى الأب طفله يستكشف أعضاءه التناسلية على سبيل المثال فيتخيل أن هذا التهديد سيوقفه عن فعلته ولكن النتيجة تكون عكسية تماما.

وهناك أسباب غير مرتبطة بالجنس تماما ولكنها قد تدفع لتلك الممارسات مثل الإيذاء اللفظى المتكرر والذى يعمق لدى الطفل شعورا بالدونية فتدفعه لمحاولة التفوق والسيطرة فى شىء ما.

الإصابة برهاب النساء والجميلات منهن على وجه الخصوص ويرجع ذلك لمفهوم العلاقه الجنسية الخاطئ على أنها اختبار لقدراته وليست علاقة متعة متبادلة والنجاح فى هذا الاختبار يتوجب فيه إخضاع الطرف الآخر للسيطرة والتفوق عليه، والخوف من الفشل فى ذلك يسبب الشعور بالإحباط والنقص مما يدفعه للبحث عن شريك ضعيف يسهل السيطرة عليه.

∎ الاضطرابات المصاحبة

وتضيف: هناك عدة اضطرابات مزاجية وشخصية وجنسية تصاحب مريض البيدوفيليا ويسهل تشخيص وعلاج هذا المرض مثل:

اضطرابات الهلع واضطرابات عدم السيطرة على الانفعالات وتعاطى المخدرات وهوس السرقة فى بعض الأحيان والوسواس القهرى واضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع وهناك اضطرابات جنسية مثل الرغبة الدائمة بالتعرى أو الاحتكاك بأجساد الآخرين
∎ لماذا يعد الطفل الاختيار النموذجى لهذا المريض؟؟

تقول د.هالة: إن المريض لا يرى الطفل فى صورته الطبيعية التى نراها بل يراه فى ملامح أكبر وشكل مثير جنسيا وقد يكون هذا الطفل هو بطل تخيلاته الجنسية طوال الوقت مما يدفعه إلى التجربة.. وتضيف: إن طبيعة جسد الطفل وكونه أملس وناعمًا يشبه عادة جسد النساء سواء كان هذا الطفل ذكرا أم أنثى مما يدفع المريض للتحرش به، بالإضافة إلى كون الطفل ضعيفًا وعلى غير دراية بالممارسات الجنسية يجعل المريض يشعر بالتفوق عليه وتحقيق نشوة الانتصار، بالإضافة إلى خوفه والتى تدفعه إلى عدم التبليغ عن القائم بهذا الفعل، فضلا عن سهولة إغوائه والتأثير عليه بالحلويات واللعب والهدايا وإقناع الطفل بأنها لعبة وتمثيلية يحاكى فيها ما يفعله الكبار يجعل الأمر شيقا لدى الأطفال خاصة حين يقلد أصوات النساء فيجعل من الأمر لعبة قد تكون محببة للطفل فى بعض الأحيان.

∎ شكل الممارسات بين المريض والطفل

هناك عدة أشكال للعلاقة بين المتحرش والطفل وتمثل خطورة بالغة بدءا من أبسطها إلى أكثرها قسوة وشدة وتبدأ بالتعرى وكشف الأعضاء التناسلية ومجرد أن يتعرى المتحرش ويكشف أعضاءه ويرى رد الفعل على ضحيته سواء كان هذا الرد دهشة أو خوفًا أو تقززًا تشعره بلذة جنسية يصعب الاستغناء عنها.. وقد تكون الممارسة فى شكل التلامس المتبادل للأعضاء وهنا يلعب المتحرش على غريزة الفضول لدى الطفل ورغبته فى الاستكشاف وقد يتطور الأمر إلى تعريض الطفل إلى صور وأفلام جنسية لإشعاره أنه يشترك فى ارتكاب فعل خاطىء قد يعرضه للعقاب إذا حاول فضح الأمر.. أو تعليمه الاستمناء أو ممارسة العادة السرية حتى يصبح لدى الطفل احتياج دائم لهذه العلاقة وترتبط معه بلذة ما تجعله لا يريد الاستغناء عنها.. أو الوصول إلى الاغتصاب الكامل وهذا لا يحدث كثيرا وعادة ما يصاحبه اعتداء جسدى بالضرب لتحقيق الإشباع الجنسى الذى لا يوفره جسد الصغير لعدم اكتمال أعضائه التناسلية وعادة ما يلجأ المريض لممارسة العادة السرية بعد هذا الفعل مباشرة للوصول للنشوة المرجوة.

∎ المتحرش يفضح نفسه

وتعلق د.هالة حماد على سلوك المتحرش ولغته الجسدية قائلة: يسهل عادة اكتشاف المتحرش خاصة إذا كان من الأقارب أو الملاصقين للطفل فى تفاصيل حياته اليوميه مثل الخادم أو المدرب أو المدرس ويستطيع الأب والأم اكتشافهم.. المتحرش لديه وضعية جلوس متكررة وهى ضم الأرجل بشدة وضم اليدين للصدر مع النظر للأسفل فى أغلب الأوقات.. النظرات المتبادلة بين المتحرش والطفل تكون فى شكل غير اعتيادى ويسهل ملاحظتها.. كثرة التودد للطفل وجلب اللعب والهدايا يجب أن يدفع الوالدين للشك.. التعرق وإحمرارالوجه وتعلثم النطق الذى يصيب الطفل عند رؤية هذا الشخص.

∎ العلاج

سبق أن ذكرنا أن نسبة الشفاء قد تتعدى الـ56٪ وهى نسبة غير قليلة تتماشى مع نسبة اكتشاف هؤلاء المرضى والوصول بهم الى العيادات والمصحات النفسية نظرا للوضع الحرج للمرض وظروفه ولهذا نسب الشفاء فى أوروبا وأمريكا وطرق التعامل الصحيحة مع المرض والمرضى تجعلهم يتفوقون على المجتمعات العربية المنغلقة.. يستحيل هنا العلاج الأسرى والمجتمعى أو أن يحاول الشخص أن يشخص مرضه ويعالجه من خلال القراءة عن المرض، بل إن الأمر يحتاج إلى طبيب متمرس وأدوية علاجية مثل مثبطات السيرتونين.

التحرش بالأطفال لا يرتبط بالمجتمعات المغلقة ولا يرتبط بخلل فى التربية أو نقص فى الوازع الدينى.. إن الفكرة تتلخص فى اكتشافه مبكرا ومحاولة القضاء عليه من الأصل ومن هنا لجأت دول كثيرة لعدة حلول مبتكرة للوصول لهؤلاء المرضى وعلاجهم قبل تورطهم فى جرائم بالفعل مثلا فى هولندا قامت جمعية أهلية بإنشاء موقع وهمى لطفلة لجذب المتحرشين واصطناع صورة افتراضية لها وتم اكتشاف ما بين 10 آلاف رجل متحرش بالأطفال وبينهم من حاول إغراءها بالمال للتعرى أمام الكاميرا وتم تحديد أماكنهم ومحاولة إخضاعهم للتأهيل النفسى مع إبعادهم عن أماكن تواجد الأطفال.. حيلة أخرى لجأت إليها روسيا وهى إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالتبليغ عمن تشك الأم فى سلوكه وتقوم تلك الإدارة بالتحرى عن الأسماء التى يتم التبليغ عنها والبحث فى سجلها الإجرامى ومراقبتها وإبعادهم عن أماكن تواجد الأطفال وإخضاعهم للعلاج.

المرض فى أرقام
يبدأ المرض فى الظهور فى مرحلة المراهقة بداية من سن 13 سنه وتشتد ذروة المرض ما بين 15 إلى 25 وتقل تدريجيا مع الوصول إلى مرحلة الخمسينيات.

ينجذب 5٪ من المرضى إلى الأطفال ما دون الخمس سنوات.. و10٪ إلى الأطفال ما بين الخامسة والثامنة و 85٪ إلى الأطفال ما بين الثامنة والثانية عشر عاما.. 10٪ إلى 20٪ بالمائة من الأطفال تعرضوا لصورة من صور التحرش قبل بلوغ الثانية عشر عاما.. 85٪من المتحرشين بالأطفال من الذكور و 51٪ من الإناث.. 60٪ من الأطفال المتحرش بهم من الإناث و 40٪ من الذكور.. أكثر من 05٪ من الأطفال الذين تم التحرش بهم يتحولون إلى معتدين جنسيين عند الوصول إلى سن المراهقة.. من 2٪ إلى 8٪ من الممارسات تصل إلى الاعتداء الجنسى الكامل.. 10٪ فقط من المعتدين يستخدمون العنف الجسدى واللفظى.. 85٪ من المعتدين يكونون من الأقارباء والمعارف، تصل نسب الشفاء من هذا الخلل النفسى إلى 70٪.
 
للرد على استفسارتكم يمكنكم التواصل معنا على الارقام التالية: -
( 22914419- 01098564819 ) 022

او عن طريق البريد الالكتروني
dr.halahammad.bcc@gmail.com


#د_هالة_حماد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمرو دياب: "اهتمي بمظهرك"

🌷🌷 مقال للدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي للاطفال والمراهقين والعلاقات الاسرية العنوان : 7 نصائح لـ دينا الشربيني بعد انفصالها عن عمر...